تحديد زمن إبراهيم عليه السلام

تحديد زمن إبراهيم عليه السلام

مما قد يفيدنا ببحث الأنساب ولربط سيرة الأنبياء مع الأحداث التاريخية، هو معرفة القرن الذي عاش به أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام. وليس من الممكن تحديد السنة بالضبط لكن لنقل تحديد العصر إجمالا. خاصة أن الباحثين يرجعون للتوراة المحرفة التي تخطئ بالتواريخ كثيرا.

فأقول أن الذي يساعدنا في البحث هو إعجاز القرآن بأن ملك مصر في قصة يوسف عليه السلام لم يذكره القرآن بلقب فرعون. فقد ورد في القرآن الكريم اسم العزيز (عزيز مصر) مرّتين، الأولى في قوله تعالى: وقال نِسوَةٌ في المدينةِ امرأةُ العزيزِ تُراوِدُ فَتاها عن نَفسِه، والثانية في قوله قالوا يا أيُّها العزيزُ إنّ لَهُ أباً شَيخاً كبيراً فخُذْ أحدَنا مكانَهُ إنّا نَراكَ مِن المُحسنين.

وهذا يشير لقوم حكموا مصر كملوك دون أن يتلقبوا بلقب الفراعنة. وهذه السلالة هي العائلة الخامسة عشر، التي سماها المصريون: الهوكسوس. وهم قبائل من أصل عربي (سامي) دخلت مصر واستوطنتها، ثم استفادت من ضعف الحكم المصري وحالة الفوضى التي دبت أيام العائلة الرابعة عشر، فسيطروا على حكم مصر، وحكموا أكثرها لمدة 160 سنة (بقي الفراعنة بطيبا بالصعيد).

ونتيجة كون هؤلاء من أصل غير مصري، فلم يجدوا مانعا من الاستعانة بأعراق أخرى، لذلك لم يكن عندهم مانع من تولية يوسف عليه السلام للوزارة والاستعانة ببني إسرائيل. وعهدهم يتسم بالغموض لأن المصريين لاحقا دمروا السجلات التاريخية بتلك الحقبة وحاولوا نسيانها. والتواريخ التقريبية ببعض المراجع تذكر أن بداية توليهم الحكم كان عام 1730 ق.م وتزايد بالتدريج ثم بدأ ينحسر تدريجيا حتى أخرجهم فرعون الصعيد عام 1570 ق.م. وطبعا التواريخ قبل الميلاد يكون الرقم الأصغر هو الأقرب لزماننا.

ومن تأمل العصر الذي جاء به يوسف عليه السلام، نجد الملك قد استقر لهم تماما دون قلاقل. والقانون مستتب لا يستطيع أحد مخالفته. حتى لما صار يوسف عليه السلام الوزير لم يكن له أن يخرج عن هذا القانون قط. {كذلك كدنا ليوسف . ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله}. لكن الفساد بدأ ينخر بالنفوس، فنجد العزيز يرى امرأته تُراوِدُ فَتاها ومع ذلك يسكت عنها، ونجد النسوة يقفون معها. فهذا كله يناسب الجيل الثالث من الناس (انظر تقسيم الأجيال في مقدمة ابن خلدون). ولهذا كان إيمان الهوكسوس بيوسف عليه السلام إيمانا ضعيفا مهلهلا. {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا}.

إذا 1730 إلى 1690 هو الجيل الأول الذي أسس تلك الدولة. ثم إلى سنة 1650 هو الجيل الثاني. ثم الجيل الثالث إلى عام 1610. ثم الجيل الرابع إلى 1570، وهو الجيل الذي تراجعت به الدولة حتى تم طرد الهوكسس، وتحول من بقي منهم (مثل بني إسرائيل) من وزراء إلى عبيد.

وننتقل إلى عهد موسى عليه السلام، ونسبه هو: موسى بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم الخليل. ولاوي هو أحد الأسباط وهو أكبر من يوسف عليه السلام، ولنقل أنه توفي في الجيل الثالث، ويكون عازر قد نشأ بالجيل الرابع، فيما شهد قاهث تحول بني إسرائيل إلى الذل والعبودية بعد أن سيطر فراعنة الصعيد على مصر. وعاش عمران في عهد استكبار الفراعنة، حتى جاء موسى عليه السلام وكان في عهده ما كان.

وبهذا ممكن أن نستفيد منه لتحديد العدد التقريبي بالنسب بين عدنان وبين إسماعيل عليه السلام. حيث كل واحد بالنسب يعتبر 40 سنة في الأغلب.

وأيضا يتبين أن كثيرا من مجازفات التوراة المحرفة لم تكن صحيحة. فقول اليهود أن عدد بني إسرائيل لما عبروا البحر كان 600 ألف رجل مع عائلاتهم ومواشيهم، مستحيل. فهؤلاء يقاربون عدد سكان مصر نفسها آنذاك. فضلا عن استحالة تحول بنو إسرائيل من 12 رجلا إلى 600 ألف خلال تلك الفترة القصيرة. والله أعلم بالصواب.

معلومات جديدة علي صراحة

الله يعطيك العافية

شكرا لوجوودك الجميل

نورتي